كيف تختار تخصصك؟
الحياة الجامعية بالنسبة لكثير ناس تشبه بوابة كبيرة الكل واقف عندها متوتر،
وكل واحد يسمع صوت مختلف يقول له: "ادخل ذا التخصص"، "لا لا، تعال هنا"،
"ذا المستقبل"، "ذا ما له فايدة"، "ادرس شيء تحبه"، "ادرس شيء يجيب راتب"،
وتلقى نفسك بالنص ضايع ما تدري تسمع مين وتمشي مع مين.
اللي يزيد الطين بلّة إن المجتمع يحب يضخّم موضوع التخصص وكأنه قرار يحدد مصيرك
إلى آخر يوم في حياتك… مع إن الواقع غير.
آلاف الناس غيّروا تخصصاتهم، وبدّلوا مجالاتهم، ولقوا نفسهم في أماكن
ما كانت حتى في مخططهم الأصلي.
وهذا بحد ذاته أكبر دليل إن الموضوع مو قد ما يصوره الناس.
اختيار التخصص ما هو اختبار ذكاء ولا تحدي شجاعة… هو مرحلة تعرّف فيها نفسك أكثر.
فيه ناس تدخل التخصص وهي واثقة 100%، وفيه اللي يكتشف نفسه بعد التجربة،
وفيه اللي يبدأ في مجال وبعدين ينتقل لشيء آخر لأن ميوله الحقيقية ظهرت لاحقًا.
الجميل في الموضوع إن الطريق ما هو خط مستقيم… دايم فيه مساحة إنك تغيّر وتعدّل
وتبدأ من جديد بدون ما تعتبرها خسارة.
اللي يخرب علينا أحيانًا مو التخصص نفسه… بل كلام الناس.
واحد يقول: "الطب هو المستقبل"، والثاني: "التقنية هي كل شيء"،
والثالث: "الفنون ما منها رزق"، والرابع: "الأدبي أسهل".
وكل هالكلام مبني على تجارب شخصية محدودة، مو على اللي يناسبك أنت فعلًا.
لأنك في النهاية أنت اللي بتجلس قدام الكتب، أنت اللي بتذاكر،
وأنت اللي بتعيش يومك داخل هذا التخصص… مو الشخص اللي نصحك.
قبل ما تسأل: "وش أحسن تخصص؟"
المفروض تسأل: "وش التخصص اللي يناسبني أنا؟"
لأن الموضوع مو "وش يجيب فلوس أكثر؟" ولا "وش أسهل؟" ولا "وش الناس تمدحه؟"
السؤال الحقيقي اللي يفصل معك هو:
وش الشيء اللي أقدر أستمر فيه سنوات بدون ما أمل ولا أطيح؟
أحيانًا الشيء اللي تتوقع إنك تحبه يطلع مو لك، والشيء اللي ما كنت تفكر فيه أبدًا
يطلع أفضل خيار.
عشان كذا اختيار التخصص ما له طريق واحد… له طريقة تناسبك أنت فقط.
وبعد ما تفهم هالفكرة، تبدأ الرحلة الحقيقية:
كيف تختار تخصصك بخطوات واضحة وعملية تخليك توصل لقرار واقعي يناسب ميولك وقدراتك،
بدون تضخيم وبدون ضغط.
-
قيّم ميولك الحقيقية… مو اللي "يبدو" إنّها ميول:
اسأل نفسك: وش الأشياء اللي تسويها بدون ما أحد يجبرك؟ وش النشاط اللي يمرّ الوقت وأنت ما دريت؟ الميول مو كلام تقول "أحب التقنية" وخلاص… لا. الميول شيء تقدر تجلس له ساعة كاملة وتتعلم عنه من نفسك بدون ما تنتظر محاضرة. إذا كنت تستمتع تفكك نظريات، أو تكتب، أو تصمم، أو تبني أشياء… هذا مؤشر قوي. -
افهم نقاط قوتك… لأنك بتحتاجها كل يوم:
التخصص الناجح مو اللي تحبه فقط… هو اللي تقدر تمشي فيه. لو أنت من النوع اللي يركز كثير، عندك تفكير تحليلي، تحب تفهم التفاصيل… قد يناسبك مجال مثل التقنية أو الرياضيات أو العلوم. لو تحب الإبداع، التصميم، الكتابة، التواصل… فيه مجالات تفتح لك أبواب ثانية. الفكرة إن التخصص ما يمشي بدون نقاط قوّة تساعدك تنجح فيه. -
ادرس متطلبات كل تخصص بدون ما تعتمد على كلام الناس:
لا تعتمد على إشاعات "ذا التخصص صعب" أو "ذا التخصص مليان وظائف". افتح موقع الجامعة، شوف خطة التخصص، شوف فيديوهات طلاب، استفسر من أحد يدرس نفس المجال. شوف المواد: هل تناسب طريقة تفكيرك؟ هل هي أشياء مستعد تتعمق فيها ثلاث سنوات قدّام؟ لا أحد يفهم التخصص أكثر من شخص يدرسه حاليًا، فخذ كلامهم بجدية. -
تابع سوق العمل بنظرة واقعية… مو بنظرة "الترند":
مو كل شيء عليه hype يعني مناسب. افتح LinkedIn، شوف الوظائف الشاغرة، شوف وش الشركات تبغى من المبتدئين. هل التخصص اللي تفكر فيه له مسارات وظيفية كثيرة؟ هل يعتمد على مهارات تقدر تطورها اليوم؟ شوف متوسط الرواتب، شوف مستقبل المجال بعد 10 سنوات. سوق العمل ما يعترف بالعاطفة… يعترف بالمهارة والشخص الجاهز. -
جرّب مصغّر قبل ما تدخل رسمي:
كورس بسيط، مشروع صغير، تجربة خفيفة… هذي أهم خطوة. لأن التجربة تكشف لك: هل المجال ممتع فعلاً؟ هل تحس بالإنجاز وأنت تشتغل عليه؟ نص اللي يدخلون تخصص معين يكتشفون بعد سنة إنه مو لهم لأنهم ما جرّبوا قبل. التجربة تغنيك عن ألف نصيحة. -
اسأل ناس من كل الجهات… مو جهة واحدة:
استشر طالب في آخر سنة، واستشر خريج، واستشر موظف يعمل في نفس المجال. كل واحد يعطيك زاوية مختلفة: الطالب يعطيك الواقع، الخريج يعطيك تجربة الانتقال، والموظف يعطيك مستقبل المجال وسوق العمل. لا تعتمد على رأي واحد… خذ الصورة كاملة. -
افهم الحقيقة: ما في تخصص "واحد" صح… في تخصص "يناسبك":
كثير يحسون إن التخصص لازم يكون قرار مصيري واحد… وهذا غلط. اليوم عندك خيار تعدّل، تغيّر، تطوّر مهارات إضافية، تفتح لنفسك مجالات ثانية. في ناس درسو شيء، واشتغلوا في شيء ثاني، ونجحوا فيه أكثر من ناس درسوه أصلًا. المهارات المنقولة (مثل التحليل، التواصل، التقنية الأساسية، الكتابة) هي اللي تصنع مستقبل الشخص، مو حرف التخصص المكتوب في الشهادة. -
اتخذ قرار قابل للتعديل… مو زواج أبدي:
الفكرة مو إنك تختار تخصص وما تغيره طول حياتك. الفكرة إنك تبدأ في شيء يناسبك الآن، ثم تطوّر نفسك بعدها. لو بعد سنة اكتشفت إنه مو لك… طبيعي جدًا تغيّر. الاحتراف صار يعتمد على القدرة على التعلم، مو على التخصص الجامعي فقط. -
ركز على الشيء اللي مستعد تتعمّق فيه سنوات… مو بس تعجبك فكرته:
كل تخصص له جزء ممتع… وله جزء ممل. التخصص اللي يناسبك هو اللي حتى مع جزءه الممل… تقدر تتحمله. لأن المجال اللي تحبه "سطحيًا" ما يكفي، لازم تحبه "في العمق".
في النهاية… اختيار التخصص خطوة مهمة، لكن التعلّم المستمر أهم ألف مرة. لأن التخصص يعطيك بداية، أما اللي يصنع المستقبل فعلاً هو شغفك، جهدك، ومهاراتك اللي تطورها على الطريق.